فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والأول صيغة قلة والثاني صيغة كثرة وكلاهما يستعمل في الآخر.
وعدد الفتيان لا يختلف.
والفتى: من كان في مبدإ الشباب، ومؤنثه فتاة، ويطلق على الخادم تلطفًا، لأنهم كانوا يستخفون بالشباب في الخدمة، وكانوا أكثر ما يستخدمون العبيد.
والبضاعة: المال أو المتاع المعدّ للتجارة.
والمراد بها هنا الدراهم التي ابتاعوا بها الطعام كما في التوراة.
وقوله: {لعلهم يعرفونها} رجاء أن يعرفوا أنها عين بضاعتهم إما بكونها مسكوك سكة بلادهم وإما بمعرفة الصَّرر التي كانت مصرورة فيها كما في التوراة، أي يعرفون أنها وضعت هنالك قصدًا عطية من عزيز مصر.
والرحال: جمع رحْل، وهو ما يوضع على البعير من متاع الراكب، ولذا سمي البعير راحلة.
والانقلاب: الرجوع، وتقدم عند قوله تعالى: {انقلبتم على أعقابكم} في [سورة آل عمران: 144].
وجملة {لعلهم يرجعون} جواب للأمر في قوله: {اجعلوا بضاعتهم في رحالهم} لأنه لمّا أمرهم بالرجوع استشعر بنفاذ رأيه أنهم قد يكونون غير واجدين بضاعة ليبتاعوا بها الميرة لأنه رأى مخايل الضيق عليهم.
{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ}
معنى: {منع منا الكيل} حِيل بيننا وبين الكيل في المستقبل، لأن رجوعهم بالطعام المعبر عنه بالجَهاز قرينة أن المنع من الكيل يقع في المستقبل، ولأن تركيب: {منع منا} يؤذن بذلك، إذ جعلوا الكيل ممنوع الابتداء منهم لأن: {من} حرف ابتداء.
والكيل مصدر صالح لمعنى الفاعلية والمفعولية، وهو هنا بمعنى الإسناد إلى الفاعل، أي لن نكيل، فالممنوع هو ابتداء الكيل منهم.
ولمّا لم يكن بيدهم ما يكال تعيّن تأويل الكيل بطلبه، أي منع منّا ذلك لعدم الفائدة لأننا لا نُمنحه إلاّ إذا وفينا بما وعَدْنا من إحضار أخينا.
ولذلك صح تفريع: {فأرسل معنا أخانا} عليه، فصار تقدير الكلام: منعنا من أن نطلب الكيل إلا إذا حضر معنا أخونا.
فتعين أنه حكَوْا القصة لأبيهم مفصلة واختصرها القرآن لظهور المرد.
والمعنى: إن أرسلته معنا نَرحَل للاكتيال ونطلبه.
وإطلاق المنع على هذا المعنى مجاز، لأنهم أنذروا بالحرمان فصار طلبهم ممنوعًا منهم لأن طلبه عبث.
وقرأ الجمهور: {نكتل} بنون المتكلم المشارك.
وقرأه حمزة، والكسائي، وخلف بتحتية عوض النون على أنه عائد إلى: {أخانا} أي يكتل معنا.
وجملة: {وإنا له لحافظون} عطف على جملة: {فأرسل}.
وأكدوا حفظه بالجملة الإسمية الدالة على الثبات وبحرف التوكيد.
وجواب أبيهم كلام موجه يحتمل أن يكون معناه: {إني آمنكم عليه كما أمنتكم على أخيه}، وأن يكون معناه ماذا أفاد ائتمانكم على أخيه من قَبْل حتى آمنكم عليه.
والاستفهام إنكاري فيه معنى النفي، فهو يستفهم عن وجه التأكيد في قولهم: {وإنا له لحافظون}.
والمقصود من الجملة على احتماليها هو التفريع الذي في قوله: {فالله خير حفظًا} [سورة يوسف: 64]، أي خير حفظًا منكم، فإنْ حفظه الله سلم وإن لم يحفظه لم يسلم كما لم يسلم أخوه من قبل حين أمنتكم عليه.
وهم قد اقتنعوا بجوابه وعلموا منه أنه مُرسِل معهم أخاهم، ولذلك لم يراجعوه في شأنه.
و{حفظًا} مصدر منصوب على التمييز في قراءة الجمهور.
وقرأه حمزة والكسائي، وحفص: {حافظًا} على أنه حال من اسم الجلالة وهي حال لازمة. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ}
أي: أن يوسف عليه السلام أمر مساعديه أنْ يُعيدوا البضائع التي أحضرها هؤلاء معهم ليقايضوا بها ما أخذوه من قمح وطعام، وكان على مساعدي يوسف عليه السلام أن يُنفِّذوا أمره بوضع هذه البضائع بشكل مُسْتتر في الرِّحال التي أَتَوْا عليها، وفي هذا تشجيع لهم كي يعودوا مرة أخرى.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {فَلَمَّا رَجَعُوا...}.
وكان قولهم هذا هو أول خبر قالوه لأبيهم، فور عودتهم ومعهم المَيْرة، وكأنهم أرادوا أن يُوضِّحوا للأب أنهم مُنِعوا مستقبلًا من أنْ يذهبوا إلى مصر، ما لم يكن معهم أخوهم.
وحَكَوْا لأبيهم قصتهم مع عزيز مصر، وإن وافق الأب على إرسال أخيهم بنيامين معهم؛ فلسوف يكتالون، ولسوف يحفظون أخاهم الصغير.
وهم في قولهم هذا يحاولون أن يُبعِدوا رِيبةَ الأب عَمَّا حدث ليوسف من قبل.
وهنا يأتي الحق سبحانه بما قاله أبوهم يعقوب عليه السلام: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ....}.
وهنا يُذكِّرهم أبوهم بأنهم لم يُقدِّموا من قبل ما يُطمئِنه على ذلك؛ فقد أضاعوا أخاهم يوسف وقالوا: إن الذئب قد أكله.
وأضاف: {فالله خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين} [يوسف: 64].
وهو قَوْل نتنسَّم فيه أنه قد وافق على ذهاب بنيامين معهم، وأنه يدعو الحق ليحفظ ابنه.
وبدأ أبناء يعقوب في فتح متاعهم بعد الرحلة، وبعد الحوار مع أبيهم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ}
قوله تعالى: {لِفِتْيَانِهِ}: قرأ الأخوان وحفص: {لفتيانه}، والباقون: {لفِتْيَتِه}، والفِتْيان جمع كثرة، والفِتْية جمعُ قلَّة، فالتكثير بالنسبة إلى المأمورين، والقلَّة بالنسبة إلى المتناولين. وفتى يُجْمع على فِتْيان وفِتْيَة وقد تقدَّم: هل فِعْلَة في الجموع اسمُ جمعٍ أو جمعُ تكسير، ومثله أخ فإنه جُمِع على إخْوَة وإخوان.
و{يَرْجِعون} يحتمل أن يكونَ متعدِّيًا وحُذِف مفعوله، أي: يَرْجعون البضاعةَ لأنه عَرَف من دينهم ذلك، وأن يكونَ قاصرًا بمعنى يرجعون إلينا.
{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
وقرأ الأخوان {يَكْتَلْ} بالياء من تحت، أي: يكتل أخونا، والباقون بالنون، أي: نكتل نحن، وهو مجزومٌ على جواب الأمر.
ويُحكى أنه جرى بحضرةِ المتوكلِ أو وزيرِه ابن الزياتِ بين المازني وابن السكيت مسألةٌ: وهي ما وزنُ {نَكْتَلْ}؟ فقال يعقوب: نَفْتَل، فَسَخِر به المازني وقال: إنما وزنُها نَفْتَعِل، هكذا رأيتُ في بعض الكتب، وهذا ليس بخطأ؛ لأنَّ التصريفيين نَصُّوا على أنه إذا كان في الكلمة حَذْفٌ أو قَلْبٌ حُذِفَتْ في الزِّنَة وقُلِبَتْ فنقول: وزن بِعْتُ وقُمْتُ: فِعْتُ وفُعْتُ، ووزنُ عِد، عِل، ووزنُ ناءَ: فَلَعَ، وإن شِئْتَ أَتَيْتَ بالأصل، فعلى هذا لا خطأَ في قوله: وزن نَكْتَلْ نَفْتَلْ، لأنه اعتُبر اللفظُ لا الأصلُ. ورأيت في بعض الكتب أنه قال: نَفْعَل بالعين وهذا خطأ مَحْضٌ، على أن الظاهر من أمرِ يعقوب أنه لم يُتْقِنْ هذا، ولو أَتْقَنَه لقال: وزنُه على الأصل كذا، وعلى اللفظ كذا، ولذلك أنحى عليه المازني فلم يَرُدُّ عليه بشيء.
{قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}
قوله تعالى: {إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ}: منصوبٌ على نعتِ مصدرٍ محذوف أو على الحال منه، أي: ائتمانًا كائتِماني لكم على أخيه، شبَّه ائتِمانَه لهم على هذا بائتمانِه على ذلك. و{من قبلُ} متعلق ب {أمِنْتُكم}.
قوله: {فالله خَيْرٌ حَافِظًا} قرأ الأخَوان وحفص {حافظًا} وفيه وجهان، أظهرهما: أنه تمييز، قال أبو البقاء: ومثل هذا يجوز إضافته. قلت: قد قرأ بذلك الأعمش: {فاللَّه خيرُ حافظٍ}، واللَّه تعالى متَّصِفٌ بأنَّ حِفْظَه يزيد على حِفْظِ غيرِه كقولك: هو أفضل عالم. والثاني: أنه حال، ذكر ذلك الزمخشري وأبو البقاء وغيرُهما. قال الشيخ وقد نقله عن الزمخشري وحده: وليس بجيد؛ لأنَّ فيه تقييدَ خير بهذه الحال. قلت: ولا محذورَ فإن هذه الحالَ لازمةٌ لأنها مؤكدةٌ لا مبيِّنَة، وليس هذا بأولِ حالٍ وَرَدَتْ لازمةً.
وقرأ الباقون {حِفْظًا}، ولم يُجيزوا فيها غير التمييز؛ لأنهم لو جعلوها حالًا لكانت مِنْ صفةِ ما يَصْدُق عليه {خير}، ولا يَصْدُق ذلك على ما يَصْدُق عليه {خير}؛ لأن الحِفْظ معنى من المعاني، ومَنْ يَتَأَوَّلْ زيدٌ عَدْلٌ على المبالغة، أو على حذف المضاف، أو على وقوعِ المصدرِ موقعَ الوصفِ يُجِزْ في {حِفْظًا} أيضًا الحالية بالتأويلات المذكورة، وفيه تَعَسُّف. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في الحفظ:
حفِظت الشيء حِفظًا بالكسر أَي حرسته، وقوله تعالى: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} أَي حفظُ الله خير حفظ.
ومن قرأَ {حافظا} وهى قراءَة الكوفيّين غير أَبى بكر فالمراد خير الحافظين.
وقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أَي ذلك الحفظ بأَمر الله.
والحِفظ يقال تارة لهيئة النَّفس التي بها يثبت ما يؤدِّى إِليه الفهم، وتارة لضبط الشيء في النَّفس.
ويُضادّه النِّسيان، وتارة لاستعمال تلك القوّة، فيقال: حفظت كذا حفظًا، ثمّ يستعمل في كلّ تفقُّد وتعهُّد ورعاية.
قوله تعالى: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} كناية عن العِفَّة و: {حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} أَي يحفظن عهد الأَزواج عند غيبتهم بسبب أَنَّ الله يحفظهنّ أَن يطلع عليهنّ.
وقرئ بنصب الجلالة أَي بسبب رعايتهنّ حقّ الله لا لرياءِ وتصنُّع منهنّ.
وقوله: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} أَي حافظًا؛ كقوله: {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ}، {وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} أَي حافظ لأَعمالهم، أَو بمعنى مفعول أَي محفوظ لا يَضِيع، كقوله تعالى: {عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى}.
والحَفَظَة، الملائكة الَّذين يكتبون أَعمال بنى آدم، وجمع الرّجل الحافظ الحافظون والحُفَّاظ والحَفَظَة.
والحفيظ: الموكِّل بالشئ يحفظه.
والحفيظ في صفات الله تعالى: الذي لا يَعْزُب عنه مثقالُ ذَرَّة في الأَرض ولا في السّماءِ، وقد حفظ على عباده ما يعملون من خير وشرّ، وقد حفظ السماوات والأَرض: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}.
والحِفاظ المحافظة على العهد، والوفاء بالعَقْد، والتَّمسّك بالودّ.
والحِفاظ أَيضًا أَن يحفظ كلّ واحد الآخر.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} فيه تنبيه أَنَّهم يحفظون الصّلاة بمراعاة أَوقاتها، ومراعاة أَركانها، والقيام بها في غاية ما يكون من الطَّوق، وأَنَّ تحفظهم الحفظ الذي نبّه عليه في قوله: {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
وأَهل الحفِيظة والحفائظ هم المحامون من وراءِ إِخوانهم، المتعاهدون لعوْراتهم، الذابّون عنها.
والتحفُّظ هو قلَّة الغَفْلة.
وحقيقته إِنَّما هو تكلُّف الحفظ لضعف القوّة الحافظة.
والحفيظةُ: الغَضَب الذي يَحمل على المحافظة ثمّ استعمل في الغضب المجرّد.
والمُحْفِظات: الأُمور التي تُحفِظ الرّجل أَي تُغضبه إِذا وُتِر في حَمِيمه وجارِه.
قال القطامىّ:
أَخولك الذي لا تملك الحِسَّ نفسُه ** وترفَضُّ عند المحفِظات الكتائفُ

يقول: إِذا استوحش الرّجُلُ من ذى قرابته فاضطغَن عليه لإِساءَة بدت منه فأَوحشه ثمّ رآه يضام زال عن قلبه ما أَلمَّ به من الحِقد وغضِب له ونصره وانتقم له من ظالمه.
قال قُرَيط بن أُنَيف:
إِذن لقام بنصرى معشر خُشُنٌ ** عند الحَفِيظة إِن ذو لُوثة لانا

وقال:
وما العفو إِلاَّ لامرئ ذى حفيظة ** متى يُعْفَ عن ذنب امرئ السَّوءِ يَلْجَج

.اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)}
جَعْلُ بضاعتهم في رحالهم- في باب الكَرَم- أتمُّ مِنْ أنْ وَهَبَها لهم جَهْرًا؛ لأنه يكون حينئذٍ فيه تقليد منه بالمواجَهَةِ، وفي تمليكها لهم بإشارةٍ تجَرُّدٌّ مِنْ تكلُّفِ تقليد منه بالمحاضرة.
ويقال عَلِمَ أنهم لا يَسْتحلُّون مالَ الغَيْر قَدَسَّ بضاعتَهم في رحالِهم، لكن إذا رأَوْها قالوا: هذا وقع في رحالنا منهم بِغَلَطٍ، فالواجبُ علينا ردُّها عليهم. وكانوا يرجعون بسبب ذلك شاءوا أم أَبَوْا.
{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
لم يمنع يوسفُ منهم الكيْلَ، وكيف مَنَعَ وقد قال: {أَلاَ تَرَوْنَ أَنِى أُوفِى الْكَيْلَ}؟
ولكنهم تجوزوا في ذلك تفخيمًا للأمر حتى تسمح نَفْسُ يعقوب عليه السلام بإرسال بنيامين معهم.
ويقال أرادوا بقولهم: {مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} وفي المستقبل إذا لم تَجْمِلْه إليه.
ويقال إنهم تَلَطَّفُوا في القول ليعقوبَ عليه السلام حيث قالوا: {أَخَانَا} إظهارًا لشفقتهم عليه، ثم أكَّدوا ذلك بقولهم: {وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
قوله جلّ ذكره: {قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عِلِى أَخِيهِ مِن قَبْلُ}.
مَنْ عَرَفَ الخيانة لا يلاحظ الأمانة، ولذا لم تَسْكنْ نَفْسُ يعقوب بضمانهم لِمَأ سَبَقَ إليه شأنهم.
قوله جلّ ذكره: {فاللَّهُ خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين}.
{فاللّهُ خيرُ حافظًا}: يحفظ بنيامين فلا يصيبه شيءٌ من قِبَلِهم.
ولم يقل يعقوب فاللّه خيرُ مَنْ يَرُدُّه إليَّ، ولو قال ذلك لعلَّه كان يرده إليه سريعًا. اهـ.

.تفسير الآيات (65- 66):

قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)}